فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشوكاني:

قوله: {ألهاكم التكاثر} أي: شغلكم التكاثر بالأموال والأولاد، والتفاخر بكثرتها، والتغالب فيها.
يقال: ألهاه عن كذا، وألهاه: إذا شغله، ومنه قول امرئ القيس:
فألهيتها عن ذي تمائم محول

وقال الحسن: معنى ألهاكم: أنساكم.
{حتى زُرْتُمُ المقابر} أي: حتى أدرككم الموت، وأنتم على تلك الحال.
وقال قتادة: إن التكاثر التفاخر بالقبائل والعشائر.
وقال الضحاك: ألهاكم التشاغل بالمعاش.
وقال مقاتل، وقتادة أيضًا، وغيرهما: نزلت في اليهود حين قالوا نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا.
وقال الكلبي: نزلت في حيين من قريش: بني عبد مناف، وبني سهم تعادّوا، وتكاثروا بالسيادة والأشراف في الإسلام، فقال كل حيّ منهم: نحن أكثر سيدًا، وأعزّ عزيزًا، وأعظم نفرًا، وأكثر قائدًا، فكثر بنو عبد مناف بني سهم، ثم تكاثروا بالأموات، فكثرتهم بهم، فنزلت: {ألهاكم التكاثر} فلم ترضوا {حتى زُرْتُمُ المقابر} مفتخرين بالأموات.
وقيل: نزلت في حيين من الأنصار.
والمقابر جمع مقبرة بفتح الباء وضمها.
وفي الآية دليل على أن الاشتغال بالدنيا، والمكاثرة بها، والمفاخرة فيها من الخصال المذمومة، وقال سبحانه: {ألهاكم التكاثر} ولم يقل عن كذا، بل أطلقه؛ لأن الإطلاق أبلغ في الذمّ؛ لأنه يذهب الوهم فيه كلّ مذهب، فيدخل فيه جميع ما يحتمله المقام، ولأن حذف المتعلق مشعر بالتعميم، كما تقرّر في علم البيان؛ والمعنى أنه شغلكم التكاثر عن كلّ شيء يجب عليكم الاشتغال به من طاعة الله، والعمل للآخرة، وعبر عن موتهم بزيارة المقابر؛ لأن الميت قد صار إلى قبره، كما يصير الزائر إلى الموضع الذي يزوره هذا على قول من قال: إن معنى {زُرْتُمُ المقابر} متم، أما على قول من قال: إن معنى: {زُرْتُمُ المقابر} ذكرتم الموتى، وعددتموهم للمفاخرة، والمكاثرة، فيكون ذلك على طريق التهكم بهم، وقيل: إنهم كانوا يزورون المقابر، فيقولون هذا قبر فلان، وهذا قبر فلان يفتخرون بذلك.
{كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} ردع وزجر لهم عن التكاثر، وتنبيه على أنهم سيعلمون عاقبة ذلك يوم القيامة، وفيه وعيد شديد.
قال الفرّاء: أي: ليس الأمر على ما أنتم عليه من التكاثر والتفاخر.
ثم كرّر الردع والزجر، والوعيد فقال: {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} وثم للدلالة على أن الثاني أبلغ من الأوّل، وقيل: الأوّل عند الموت أو في القبر، والثاني يوم القيامة.
قال الفرّاء: هذا التكرار على وجه التغليظ والتأكيد.
قال مجاهد: هو وعيد بعد وعيد، وكذا قال الحسن، ومجاهد.
{كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين} أي: لو تعلمون الأمر الذي أنتم صائرون إليه علمًا يقينًا كعلمكم ما هو متيقن عندكم في الدنيا، وجواب (لو) محذوف، أي: لشغلكم ذلك عن التكاثر والتفاخر، أو لفعلتم ما ينفعكم من الخير، وتركتم ما لا ينفعكم مما أنتم فيه.
و{كلا} في هذا الموضع الثالث للزجر، والردع كالموضعين الأولين.
وقال الفرّاء: هي بمعنى حقًا، وقيل: هي في المواضع الثلاثة بمعنى ألا، قال قتادة: اليقين هنا الموت، وروي عنه أيضًا أنه قال: هو البعث، قال الأخفش: التقدير لو تعلمون علم اليقين ما ألهاكم.
وقوله: {لَتَرَوُنَّ الجحيم} جواب قسم محذوف، وفيه زيادة وعيد وتهديد، أي: والله لترونّ الجحيم في الآخرة.
قال الرازي: وليس هذا جواب لو، لأن جواب لو يكون منفيًا، وهذا مثبت.
ولأنه عطف عليه {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ} وهو: مستقبل لابد من وقوعه قال: وحذف جواب لو كثير، والخطاب للكفار، وقيل: عام كقوله: {وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم: 71] قرأ الجمهور: {لترون} بفتح التاء مبنيًا للفاعل وقرأ الكسائي، وابن عامر بضمها مبنيًا للمفعول.
ثم كرّر الوعيد والتهديد للتأكيد فقال: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين} أي: ثم لترونّ الجحيم الرؤية التي هي نفس اليقين، وهي المشاهدة والمعاينة، وقيل المعنى: لترونّ الجحيم بأبصاركم على البعد منكم، ثم لترونها مشاهدة على القرب.
وقيل المراد بالأوّل رؤيتها قبل دخولها، والثاني رؤيتها حال دخولها.
وقيل: هو إخبار عن دوام بقائهم في النار، أي: هي رؤية دائمة متصلة.
وقيل المعنى: لو تعلمون اليوم علم اليقين، وأنتم في الدنيا لترونّ الجحيم بعيون قلوبكم، وهو أن تتصوّروا أمر القيامة وأهوالها.
{ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} أي: عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل للآخرة.
قال قتادة: يعني: كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه، ولم يشكروا ربّ النعم حيث عبدوا غيره، وأشركوا به.
قال الحسن: لا يسأل عن النعيم إلاّ أهل النار.
وقال قتادة: إن الله سبحانه سائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه، وهذا هو الظاهر، ولا وجه لتخصيص النعيم بفرد من الأفراد، أو نوع من الأنواع؛ لأن تعريفه للجنس، أو الاستغراق، ومجرّد السؤال لا يستلزم تعذيب المسئول على النعمة التي يسئل عنها، فقد يسأل الله المؤمن عن النعم التي أنعم بها عليه فيم صرفها، وبم عمل فيها؟ ليعرف تقصيره، وعدم قيامه بما يجب عليه من الشكر.
وقيل: السؤال عن الأمن والصحة، وقيل: عن الصحة والفراغ، وقيل: عن الإدراك بالحواسّ، وقيل: عن ملاذ المأكول والمشروب.
وقيل: عن الغداء والعشاء، وقيل: عن بارد الشراب وظلال المساكن، وقيل: عن اعتدال الخلق، وقيل: عن لذة النوم، والأولى العموم، كما ذكرنا.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بردة في قوله: {ألهاكم التكاثر} قال: نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا، فقالت أحداهما: فيكم مثل فلان، وفلان.
وقال الآخرون: مثل ذلك تفاخروا بالأحياء، ثم قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور، فجعلت إحدى الطائفتين تقول: فيكم مثل فلان يشيرون إلى القبر، ومثل فلان، وفعل الآخرون كذلك، فأنزل الله: {ألهاكم التكاثر حتى زُرْتُمُ المقابر} لقد كان لكم فيما زرتم عبرة وشغل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ألهاكم التكاثر} قال: في الأموال والأولاد.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ألهاكم التكاثر} يعني عن الطاعة {حتى زُرْتُمُ المقابر} يقول: حتى يأتيكم الموت {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يعني: لو قد دخلتم قبوركم {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يقول: لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم.
{كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين} قال: لو قد وقفتم على أعمالكم بين يدي ربكم.
{لَتَرَوُنَّ الجحيم} وذلك أن الصراط يوضع وسط جهنم، فناج مسلم، ومخدوش مسلم، ومكدوش في نار جهنم.
{ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} يعني: شبع البطون، وبارد الشرب، وظلال المساكن، واعتدال الخلق، ولذة النوم.
وأخرج ابن مردويه عن عياض بن غنم مرفوعًا نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال: صحة الأبدان، والأسماع، والأبصار، وهو أعلم بذلك منهم، وهو قوله: {إِنَّ السمع والبصر والفؤاد كُلُّ أولئك كَانَ عَنْهُ مَّسْئُولًا} [الإسراء: 36] وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن مسعود عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال: الأمن، والصحة.
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال: النعيم العافية.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في الآية قال: من أكل خبز البرّ، وشرب ماء الفرات مبردًا، وكان له منزل يسكنه، فذلك من النعيم الذي يسأل عنه.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآية: «أكل خبز البرّ، والنوم في الظلّ، وشرب ماء الفرات مبردًا» ولعل رفع هذا لا يصح، فربما كان من قول أبي الدرداء.
وأخرج أحمد في الزهد، وابن مردويه عن أبي قلابة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الآية قال: «ناس من أمتي يعقدون السمن والعسل بالنقيّ، فيأكلونه» وهذا مرسل. وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: لما نزلت هذه الآية.
قال الصحابة: «يا رسول الله أيّ نعيم نحن فيه؟ وإنما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشعير، فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أن قل لهم: أليس تحتذون النعال، وتشربون الماء البارد، فهذا من النعيم».
وأخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وأحمد، وابن جرير، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن محمود بن لبيد قال: لما نزلت: {ألهاكم التكاثر} فقرأ حتى بلغ: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قالوا: يا رسول الله أيّ نعيم نسأل عنه؟ وإنما هما الأسودان: الماء، والتمر، وسيوفنا على رقابنا، والعدوّ حاضر، فعن أيّ نعيم نسأل؟ قال: «أما إن ذلك سيكون» وأخرجه عبد بن حميد، والترمذي، وابن مردويه من حديث أبي هريرة.
وأخرجه أحمد، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن المنذر، وابن مردويه من حديث الزبير بن العوّام.
وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، والترمذي، وابن جرير، وابن حبان، وابن مردويه، والحاكم، والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أوّل ما يسأل العبد عنه يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصحّ لك جسدك، ونروك من الماء البارد؟» وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن جابر بن عبد الله قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، فأطعمناهم رطبًا، وسقيناهم ماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا من النعيم الذي تسألون عنه» وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه، والبيهقي من حديث جابر بن عبد الله نحوه.
وأخرج مسلم، وأهل السنن، وغيرهم عن أبي هريرة قال: خرج النبيّ، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما الساعة؟» قالا: الجوع يا رسول الله، قال: «والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما فقوما» فقاما معه، فأتى رجلًا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبًا، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أين فلان؟» قالت: انطلق يستعذب لنا الماء إذ جاء الأنصاريّ فنظر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فقال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافًا مني، فانطلق، فجاء بعذق فيه بسر، وتمر.
فقال: كلوا من هذا، وأخذ المدية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياك والحلوب» فذبح لهم فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربوا، فلما شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر، وعمر: «والذي نفسي بيده لنسألن عن هذا النعيم يوم القيامة» وفي الباب أحاديث. اهـ.

.قال القاسمي:

سورة التكاثر:
بسم الله الرحمن الرحيم
{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}
أي: شغلكم التباهي بالكثرة في المال والولد ونحوهما، فيقول هذا: أنا أكثر منك مالًا.
والآخر: أنا أكثر منك ولدا، وهكذا مما يصرف عن الجد في العمل، ويطفئ نور الاستعداد وصفاء الفطرة والعقل والكمالات المعنوية الباقية، ذهب بكم التفاخر والتباهي بهذه الأمور الفانية، من كثرة الأموال والأولاد، وشرف الآباء والأجداد كلَّ مذهب {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} أي: حتى هلكتم ومتم وصرتم من أصحاب القبور، فأفنيتم عمركم في الأعمال السيئة وما تنبهتم طول حياتكم إلى ما هو سبب سعادتكم ونجاتكم. وزيارة القبور عبارة عن الموت.
روى الزمخشري شواهد لها: قال الشهاب: وفيها إشارة إلى تحقق البعث؛ لأن الزائر لابد من انصرافه عما زاره، ولذا قال بعض الأعراب لما سمعها: بعثوا وربِّ الكعبة! وقال ابن عبد العزيز: لابد لمن زار، أن يرجع إلى جنة أو نار. وسمى بعض البلغاء المقبرة دهليز الآخرة.
{كَلَّا} ردع عن الاشتغال بالتكاثر، وتوهم أن الفوز بالتفاخر. فإن الفوز بالتناصر على الحق والتحلي بالفضائل {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} أي: مغبة ما أنتم عليه في الاخرة من وخامة عاقبة الاشتغال بهذه الشهوات السريعة الزوال، العظيمة الوبال، لبقاء تبعاتها.
{ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} تكرير للتأكيد، و{ثُمَّ} للدلالة على أن الثاني أبلغ من الأول. أو الأول عند الموت، والثاني عند النشور.
{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} أي: لو تعلمون ما بين أيديكم من الجزاء علم الأمر اليقين، لكان ما لا يدخل تحت الوصف من الندم والتحسر على فوات العمر العزيز في التكاثر والذهول عن الحق به. واليقين بمعنى المتيقن، صفة لمحذوف، أو صفة للعلم، على أنه من إضافة الصفة للموصوف، وحذف جواب {لَوْ} يطلبهُ العقل من الشرط وما سبقه، ليستحكم فيه فضل استحكام.
وقوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} جواب قسم مضمر، أكد به الوعيد، وشدد به التهديد، وأوضح به ما أنذروه تفخيمًا.
{ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} أي: الرؤية التي هي نفس اليقين، فالعين هنا بمعنى النفس، كما في: جاء زيد عينه، أي: نفسه. وإنما كانت نفس اليقين، لأن الانكشاف بالرؤية والمشاهدة، فوق سائر الانكشافات؛ فهو أحق بأن يكون عين اليقين. والتكرير للتأكيد.
قال الإمام: وكني برؤية الجحيم عن ذوق العذاب فيها، وهي كناية شائعة في الكتاب العزيز: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} أي: عن النعيم الذي ألهاكم التكاثر به والتفاخر في الدنيا ماذا عملتم فيه، ومن أين وصلتم إليه، وفيم أصبتموه، وماذا عملتم به؟ ويدخل في ذلك ما أنعم عليهم من السمع والبصر وصحة البدن.
قال ابن عباس: النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار.
قال: يسأل الله العباد فيم استعملوا وهوأعلم بذلك منهم. وهو قوله: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 36]، قال ابن جرير: لم يخصص في خبره تعالى نوعًا من النعيم دون نوع، بل عمّ؛ فهو سائلهم عن جميع النعيم، ولذا قال مجاهد: أي: عن كل شيء من لذة الدنيا.
وقال قتادة: إن الله عز وجل سائل كل عبد عما استودعه من نعمه وحقه. اهـ.